أخبارنا المسرحية

المشاركة على المواقع الأجتماعية

الخميس، سبتمبر 08، 2011

كتاب النقد الموضوعي للكاتب سمير سرحان

مجلة الفنون المسرحية  |  at  الخميس, سبتمبر 08, 2011  | لا يوجد تعليقات

كتاب النقد الموضوعي للكاتب سمير سرحان 

         مدرسة النقد الحديث تتحري الموضوعية في قيمها وفي حكمها علي الأشياء ونادي أنصار هذه المدرسة بالنظرية الموضوعية the impersonal theory   مبدأ في النقد وبالمنهج التحليلي وسيلة لشرح الأعمال الأدبية وتفسيرها من داخلها وبوصفها كائنات عضوية مستقلة عن نفس المبدع وأهوائه وميوله الشخصية كما هي مستقلة عن نفس الناقد وأهوائه وميوله الشخصية وذكر(ت.س. اليوت) رائد هذه المدرسة في أوائل القرن العشرين (إن مهمة النقد شرح الأعمال الأدبية وتصحيح الذوق ووسيلة الناقد في ذلك أداتان رئيسيتان هما (التحليل والمقارنة) بمعني تحليل العمل الفني والعمل علي إكتشاف علاقاته الداخلية وتركيبه وما يحتوي عليه من حيل فنية يتوسل بها الفنان لتحويل عاطفته إلي جسم موضوعي له كيانه المستقل وحياته الخاصة به ثم مقارنته بالأعمال الفنية السابقة عليه في التراث الأدبي حتى يتحدد مكانه منها وقيمته الموضوعية بوصفه فناً بالنسبة إلي باقي الأعمال العظيمة.
        والذي يحدد قيمة العمل الجديد هو التراث الأدبي وليس القيم الاجتماعية والأخلاقية   التي سرعان ما تتغير من عصر إلي عصر ومن مجتمع لأخر.

         بالتالي فهو يري أن الناقد الموضوعي ينظر إلي العمل بوصفه جسماً حياً مستقلاً بذاته، وهو يتناوله بالشرح والتحليل بهدف توضيح قيمته بوصفه كائناً مستقلاً قادراً علي أداء وظائف محددة للمجتمع والفرد.

 - وأول من نادي بالموضوعية في النقد ) ماثيو أرنولد ) في العصر الفيكتوري في إنجلترا خلال القرن 19 وأول من قال أن النقد هو "جهد موضوعي" لرؤية الأعمال الأدبية  كما هي علي حقيقتها وهو يعد أبا النقد الحديث.

         الحكم الموضوعي ينقل العمل عن كل ما عداه من قيم خارجية لينظر إليه هو من داخله وليكتشف ما بداخله من معني لا يمكن الكشف عنه إلا من خلال تحليل "البناء" أو "الشكل" وهذا الشكل ليس إناء يصب فيه المعني أو كما يقول الناقد "بروكس " السكر الذي يغلف حبة الدواء لكي يستطيع الإنسان إبتلاعها ، وإنما هو المعني نفسه الذي يوصله العمل الفني والعمل يحتوي علي مادة ينظمها ويرتبها الفنان حتى يستطيع أن يبني منها جسماً معيناً فإذا كان وجود (القيم) منفصلا عن بناء العمل الفني أو الشكل فلا يصبح عملاً فنياً ولا يمكن للنقد الموضوعي أن يتناوله بوصفه فناً، ولا يمكن للناقد الموضوعي أن يشير إلي هذه القيم بوصفها أشياء خارجة عن دراما العمل الفني وحركته المتطورة فالحكم الموضوعي علي قيمة  " العمل إذن لا يمكن أن يتم إلا إذا استطاع الناقد تحديد قيمة العمل الفني دون النظر إلي خلاف أو اتفاق هذا العمل مع أفكاره وأحاسيسه ...... إن القيمة أو القيم الخارجة عن العمل قد تكون كما يقول الناقد (تيت) مثاراً للخلاف بين قارئ وأخر فما قد يجده قارئ ما قيمة خيرة قد يجده أخر قيمة شريرة وهذا الخلاف نفسه يعني أن كلاً من القارئين قد فشلا في رؤية العمل الفني موضوعياً.

          ينص ارنولد في مقاله عن " وظيفة النقد في العصر الحالي" يطلب من الناقد ألا ينظر إلي تحقيق مصلحة ما حزبية كانت أم شخصية، في العمل الذي يتولى نقده وأن يري (الشئ) كما هو علي حقيقته.

         تعريف أرنولد للنقد بأنه (نشاط حر للذهن في كل الموضوعات التي يطرقها ) يتفق وهذه النظرة، كما يتفق والمهمة المنوطة بالنقد عند أرنولد  مهمة معرفة أفضل المعارف والأفكار في العالم.

- يرفض أرنولد المقياسين التاريخي والشخصي لأنهما يعدمان تذوق العمل الفني (كما هو علي حقيقته) ويحولان دون النظرة الموضوعية إلي الأعمال الأدبية والناقد الذي يستخدم أحدهما أو كلاهما هو ناقد يأخذ في إعتباره ما سماه أرنولد في "وظيفة النقد" بالأهداف الخارجية التي تتعدي العمل الفني كما هو علي حقيقته لتبحث فيه عن تحقيق لأهواء معينة شخصية أو تاريخية أو سياسية أو غير ذلك.

        مثلا في الشعر ، فالمقياس التاريخي في الحكم علي العمل الفني يضللنا بسهولة لأننا إذا أخذنا به قد نبالغ في تقدير قيمة شاعر ما وشعره لما له من أثر ولو طفيف علي تقدم أمة ما في اللغة أو الفكر أو الشعر فلا نستطيع أن نحكم علي القيمة الحقيقية لشعره ،و بذلك ينتقد عن مجال النقد الأدبي المنصب علي تقييم العمل الفني إلي مجال التقييم التاريخي للفكر أو الثقافة أو اللغة.

         وكذلك يرفض أرنولد (المقياس الشخصي) فيري إننا نعجب بالشاعر أو القصيدة علي أساس من أسباب شخصية بحتة تتعلق بنا ولا تتعلق بالقصيدة وقد نعجب بقصيدة ما لأنها تعبر عن أشياء معينة أو ظروف خاصة بنا مما يجعلنا نخطئ تقدير قيمتها الحقيقية بوصفها شعراً ونعلق عليها من الأهمية أكثر مما تستحق، ومن يحكم علي قصيدة ما بالمقياس الشخصي إنما يعبر عن نفسه هو وما يتفق وصالحه الشخصي.

         والمقياس الصحيح عند أرنولد في الحكم علي الأعمال الأدبية هو ما يسميه (المقياس الحقيقي) أي المقياس الموضوعي الذي لا يأبه بالتاريخ ولا بالأهواء الشخصية وإنما ينظر إلي العمل الأدبي في ذاته بدون إيه )اعتبارات خارجية(.

          والدراسة السليمة للشعر والأدب والفن عند أرنولد هي تلك التي (تفسر ) العمل الفني بمعني معين بحيث تزيد إستمتاعنا به وإحساسنا بقيمته ثم مقارنته بالأعمال الفنية الأخرى لكي نري ما إذا كانت لها نفس القيمة الفنية أو لا.

          وفي حديث أرنولد عن "دراسة الشعر" ينص علي أن الوسيلة الوحيدة لدراسة العمل الفني العظيم حقاً هو مقارنته بما يسميه (الحكم الفصل) أو (المحك) أي الأعمال الكبيرة التي ثبتت قيمتها الفنية علي مر العصور.

         وفي ذلك يلتقي أرنولد بأليوت علي أن المهمة التي يجب علي النقد أن يقوم بها هي (شرح الأعمال الفنية) وتصحيح الذوق ووسيلته في ذلك أداتان رئيسيتان "المقارنة والتحليل" والفكرة التي يدعو إليها أرنولد في العبارة السابقة – هي ضرورة أن نقيس ما يصادفنا من شعر بأبيات أو تعبيرات صاغها الخالدون من الشعراء تشبه إلي حد كبير أداة (المقارنة) التي نص عليها "اليوت" إلا أن "ارنولد" لا يحدد وسيلة استخدام هذه الأداة ولا ينص علي إذا ما كانت المقارنة تتم بين عمل فني كامل وعمل أخر أو بين العمل الفني الواحد وبين تراث الأعمال الفنية التي سبقته من نفس النوع فهو لا يقول أكثر من أن المقارنة تتم بين (أبيات وتعبيرات صاغها أرباب الفن الخالدون) وما يصادفنا من شعر وقد نفهم من ذلك أن الناقد يمكنه أن يقارن عملاً شعرياً مكتملاً سواء قصيدة أو ملحمة من ألوان الشعر المعروفة ببيتين أو ثلاثة من آبيات الشعر العظيم وهو في دراسة الشعر يقول ذلك صراحة دون مواربة .

         أرنولد ينص علي موضوعية النقد – ويستبعد المقياس التاريخي والمقياس الشخصي في الحكم علي الأعمال الأدبية ويدعو إلي إتباع المقياس الحقيق وفي هذا يتفق مع مدرسة النقد الحديث في خطوطها العامة.

          يري أرنولد أن مهمة الشعر و الأدب هي " نقد للحياة " وقد استخدم كلمة "نقد" هنا استخداما خاصا يقربها كثيرا من كلمة (تطهير) التي قال بها أرسطو في كتابه عن الشعر أو عبارة "تنظيم الدوافع" التي قال بها في القرن العشرين الدكتور أ.أ. ريتشارد وكانت مفتاح نظريته عن الشعر المعروفة باسم "نظرية القيمة".

         ولكن ما يقصده أرنولد يختلف عن كل ما عناه كل من (أرسطو وريتشارد ) فهو يعتبر الشعر (تفسيراً) ولكنه ليس تفسيراً فلسفياً أو تحليلاً تعليمياً يهدف إلي تبيان الغث من الثمين في الحياة وإنما هو نوع من المعرفة (معرفة العالم والحياة علي اطلاقهما) يتم عن طريق التعاطف وليس الجدل الذهني المباشر وهو في هذا وسيلة لجلب الراحة النفسية لنا وبث العزاء في أنفسنا كما نراه يقول بأن الشعر وسيلة لإحياء صفات إنسانية جوهرية معينة أو " أمال باطنية" وعنده أن الشعر العظيم هو ما يخاطب العواطف الإنسانية الأولية أو تلك المشاعر الأولية التي تكمن علي الدوام في الجنس البشري والشاعر يتخذ من هذه العواطف أو المشاعر الأولية موضوعاً له ويخاطبها كما هي موجودة عند القارئ ويعبر أرنولد عن هذه المهمة الموكلة إلي الشعر بشكل أخر عندما يؤكد أن مهمة الشعر الأساسية هي في أنه يتناول قوانين الحياة الإنسانية ويضع يده علي أعمق الحقائق في حياة الإنسان وبهذا المعني يقوم الشعر بمهمة (التفسير) كما أن (الحياة) هي موضوع هذا التفسير، أما المجتمع وما ينطوي عليه من مساؤي أو حسنات فلا يمثل موضوع الشاعر الرئيسي عند أرنولد إنما يقتصر دوره علي تهيئة الجو الملائم للإبداع.(1)


1 -  د. سمير سرحان- كتاب النقد الموضوعي ، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1990.

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9