أخبارنا المسرحية

المشاركة على المواقع الأجتماعية

السبت، يناير 14، 2012

مسرحية "مجاريح" فلكلور شعبي في مهرجان المسرح العربي / منصور عمايرة

مجلة الفنون المسرحية  |  at  السبت, يناير 14, 2012  | لا يوجد تعليقات

مسرحية "مجاريح" فلكلور شعبي في مهرجان المسرح العربي  / منصور عمايرة
مسرحية مجاريح القطرية
 عرضت  مسرحية "مجاريح"  في مهرجان المسرح العربي، المنعقد في عمان يوم الأربعاء 11-1-2012 على مسرح الحسين وسط العاصمة عمان، وقدم العرض من قبل فرقة قطر المسرحية، إخراج ناصر عبد الرضا، تأليف إسماعيل عبدالله، سينوغرافيا ناصر عبد الرضا، وقام بالعمل مجموعة من الممثلين سيار الكواري، عبدالله أحمد، محمد الصايغ، عبد الله سويد، نهاد عبد الله، فوز الشرقاوي، عبد الله الباهيتي... الكواري مثل دور غانم والسويد مثل دور العبد.
موضوع المسرحية موضوع مكرور بمستويات متعددة عبر الزمان والمكان، وهو ما يتعلق بالمرأة التي لا يسمع رأيها، وخاصة فيما يتعلق بالشخص الذي تريد الاقتران به ، وهذا ما دارت حوله المسرحية، فالموضوع يدور حول تعلق العبد المحرر حديثا بابنة سيدة، وفي التراث العربي صورة كبيرة لعنترة وعبلة، فيروز هو العبد الذي يريد الزواج من ماسه ابنة غانم، وهو الذي قام بتحرير ابنة غانم التي اختطفت ذات يوم، لتقع الابنة في حبه، هي صورة قريبة جدا من عنترة وعبلة، وغانم هذا هو سيد العبد والعبودية متوارثة في بيته، والسيادة متوارثة في بيت غانم، لكن الأب الذي يبدو صاحب القرار سيعلن " لا تشتري العبد إلا والعصا معه " وشطر بيت المتنبي هو سمة رئيسة للعرض الذي لا يبين عن العبودية ، بل عن الرفض كمقولة متداولة بين الرجال ليقرروا مصير المرأة " البنت " فالعبد فيروز يتفق مع ابنة سيدة غانم فتهرب ، ويتزوجها يوم فرحها من سيد آخر، وهذه الصورة تتكرر مرة ثانية في بيت العبد فيروز، بعد عشرين سنة ترفض ابنته من زوجته ماسه أن تتزوج ابن عبد آخر من العائلة ذاتها، لأنها غير راغبة بهذا الزواج ، فيحاول إجبارها كما فعل غانم مع أمها ماسه قبل عشرين عاما، لكنها تقرر الهرب، هذا هو موضوع المسرحية والنص الذي بني عليه العرض.
الزمنية في العرض المسرحي بنيت على تكسير الزمن، فلم يبدُ رتيبا، حيث بدأ من النهاية وهو يتحدث عن عائلة فيروز لإجبار ابنته على الزواج، وانتهى العرض من حيث البداية، وقد تخلل العرض قصة فيروز وماسه ما بين البداية والنهاية، وهي قصة مكرورة، في المرة الأولى كانت في بيت غانم ثم أصبحت بعد عشرين سنة في بيت فيروز، وكأن المخرج والمؤلف سيصم آذاننا بمقولة مهلهلة والتي تقول " كما تدين تدان".
بدت السينوغارافيا بسيطة وغير معقدة وهي تتمثل بعدة أشياء، هناك شجرة يابسة وهي ذات دلالة لتعطي معنى يباس العقل، وهناك ضوء أحمر مستدير ربما يشير إلى الشمس، ولكن هذا الضوء موشى بالتشظي، وهنا قد يشير إلى الجدار المتشظي بما يتواءم مع الحكاية، وهناك سينوغرافيا البيت، وهذا البيت يبدو مقفلا دائما ، ويخفي أشياء وراءه وقد فتح مرات قليلة من الداخل، وفتح في نهاية المسرحية بعد تحطيم الباب بحثا عن البنت الرافضة للزواج على غير رغبتها فكان خاويا.
وبدت السينوغرافيا من البيئة المحلية من الأشجار التي تنبت في البيئة المحلية، وخاصة ما رأيناه على أرضية المسرح التي تراقص عليها الممثلون والفرقة حفاة غير منتعلين، وهنا إشارة إلى الوضع المتدني للعبيد والملتصقين بجلدة الأرض كدلالة على الوضاعة والفقر والرفض.
الدور الرئيس لعبه أكثر من ممثل وخاصة بدور فيروز العبد والأب، وزوجته ماسه، وابنة غانم، وابنة فيروز مرة ثانية، بالإضافة إلى شخصية الممثل الذي يجيد اللعب على المزمار ورقص الليوه والضرب على الطنبورة محمد الصايغ، وهناك شخصيات أخرى قامت بأدوار قليلة.
ونجد في هذا العرض " الفلكلوري " بروز الخطابية من دون محاورة كبيرة تفج المسكوت عنه، حتى عندما تتحدث الابنة عن أن لها أحلاما وعيناها أصبحتا واسعتين، تبقى صورة الرفض المطلق لهذا الحوار، وكل واحد يركب رأسه، فبرزت اللغة الخطابية في العرض الذي بالتالي سيسمه بالسطحية ويحوله إلى ميلودراما فالنهاية معروفة وإن لم تكن سعيدة، فالمسرح يرفض لغة الخطابية والتي تمثلت بقول السيد غانم لفيروز : أنت عبد، والعبد يبقى عبدا، والسيد سيد. ومرة أخرى لغة الخطابية برزت في حالة إجبار البنت على قبول رأي والدها سواء أكانت ماسه أو ابنة فيروز الذي تكررت الحالة في بيته، والرجل يطلق وقتما يشاء عندما يقرر، والخطابية تمثلت بلغة الاستكانة عندما تطلب ماسه من زوجها فيروز " العبد المحرر " أن يضربها، وهنا تستحضر حالة الندم، وتشير إلى لعنة والدها غانم وموته قهرا لأنها لم تسمع كلامه.
وبدا الحوار مستغلقا، من حيث الرتابة إلى درجة السطحية، وإعطاء صورة نمطية تأبى الزحزحة، والتي تتمثل في علاقة الأب بابنته، إن هذا الاستغلاق سيقرر حتما أخذنا إلى نهاية من حيث بدأ العرض.
العرض امتلأ بالموسيقى الشعبية الحية والغناء التراثي الحي، وبوصلة متواصلة من البداية حتى النهاية، وهنا يبدو العرض بعيدا عن المسرح أو الرؤية المسرحية.
الغناء سيطر على العرض المسرحي، فأنت ستدرك بأنك أمام فرجة فلكلورية قطرية، وبمواصفات فرقة تراثية شعبية قادرة على تمثيل الفلكلور من خلال الغناء الحزين الذي أدته المغنية الرائعة بخامة صوتها في الفرقة، وكان هذا التراث شيئا جميلا، ولكنه بالتالي لا يعني العرض المسرحي.
كان يفترض بالمخرج أن يتجنب هذا الزخم الغنائي، وحشو الغناء التراثي والرقص الشعبي في العرض بوسائل شتى، كأن يجعل هذا التراث يأتي من بعيد يثير الأشجان مثلا، وربما يجعله يأتي بشكل طبيعي من خلال الإنفعال الذي يسيطر على الأب والابنة، فيثير هذا كله الأشجان، ليلجأ إلى الغناء كبعد مواس لما يحس به وهذه رؤية أخرى، وربما يستطيع المخرج ملء المساحات الفارغة في العرض ليس بالغناء المباشر، بل بحالة من التداعي والهذيان، يتخلل ذلك البعد الموسسيقى والغناء الشجي الذي يثير التعاطف، وهذه مسألة مهمة جدا لاستدرار التعاطف في مثل هذا الموضوع المطروح.
إن ارتكاز المخرج على التراث الغنائي، قد سحب البساط من تحت العرض ليسقط في أهزوجة تراثية متواصلة، ملأت كل العرض المسرحي بشكل طاغ يسبب الملل بزخمه، لأنه يبدو محشوا بشكل قصدي، فأنت إذن أمام احتفال وطني قد يصلح العرض لاحتفالية تراثية وطنية محلية، وليس لعرض مسرحي يقوم على تقنيات مسرحية متكاملة.
وربما نشير إلى النص، لنلتمس العذر للمخرج وهو يتكئ على نص قد يبدو ضعيفا لم يعطه قدرة على اتخاذ رؤية للعرض بشكل أفضل، لم يستطع المخرج التعامل معه بأكثر من هذه الصيغة التي شاهدناها على خشبة المسرح، إلا أن هذا لا يعفي المخرج من كل ما آل إليه العرض.
قد نقول إن المسرح مهر أرعن، وهذا ما يجعله يتمايز بجمالياته التي تختفي في جماليات الإبداع الأخرى، ولكن المسرح لا يتعامل مع القبض عليه كأنه مطارد، بل على العكس تماما ، فهو طيع لكن من خلال الاقتراب منه، وليس من خلال الحديث عنه تحت عنوان لا يعنيه.
إن الإضاءة واللون الأحمر ، والذي يميل إلى القتامة ليتماثل مع الحكاية، وكما أشرت آنفا إلى ذاك القرص باللون الأحمر " الشفق " وهو يبين عن حالة الحزن التي غلبت على كل العرض، من خلال الغناء الحزين الذي فاض به العرض المسرحي.
إن عرض مجاريح فيه الكثير من الغناء الشعبي، تسبب بغياب العرض المسرحي، فكل شيء بالعرض بدا فائضا عن الحاجة، وهنا أشير إلى هذا الغناء الكثير، وقد أغرق المخرج نفسه كثيرا بالغناء التراثي حتى أن الممثل هو من يطلب هذا الغناء، وهذه دلالة على أن المتلقي يحضر تراثا شعبيا وليس عرضا مسرحيا ينافس على جائزة المسرح العربي، وبعيدا عن كل الشوائب التي تلف المهرجان.
وهناك ملاحظة أخرى أنوه لها، وكأن المخرج وإدارة الفرقة وكل القائمين على العرض " مجاريح " أرادوا أن يأخذوا المتلقي للعرض، وليس أن يأخذ العرض المتلقي، وقد برز هذا في توزيع مسرحية مجاريح على cd وكذلك توزيع نشرة من أربع صفحات تكيل المديح للعرض بصور متعددة، والمتلقي حتما سيقرأ كل ما نشر أو بعضه، وسيقرأه كله بعد العرض، وكأن لسان حالهم يقول على عكس ما أراد الشاعر بقوله : " ولكن تؤخذ الدنيا غلابا " بل يؤكد لسانهم بأنهم سيفوزون بالجائزة، وهذا يعتبر وسيلة لسلب المتلقي إرادته بتلق محايد للعرض المسرحي، وخاصة تلك التمتمات التي ستسمع بعد العرض، ولكن المتلقي وجد نفسه أمام فرجة فلكلورية لا تعني العرض المسرحي الذي ينافس في مهرجان مسرح عربي، وقيل عنه بأنه سيقدم أفضل العروض المسرحية العربية، باستثناء السينوغرافيا – والسينوغرافيا جزئية في العرض المسرحي - كل شيء بدا لا يعني العرض المسرحي، وحتى الممثل لم يستطع أن يندمج بما يقدم باستثناء مشاركته بالغناء والرقص مع فرقة تراثية مكانها خارج إطار العرض كعرض مسرحي.
إن عرض مجاريح عرض تراثي، تمثل في الغناء الشعبي وبآلات موسيقية شعبية متنوعة مثل المزمار والطنبورة، والرقص الشعبي بما يعرف برقصة الليوه المعروفة على مستوى دول الخليج العربي ... ليتحول هذا العرض إلى فرجة تراثية تصلح لتكون في احتفال وطني محلي وينقل إلى الخارج كفرقة تراثية وليست كعرض مسرحي " ما هكذا يا سعد تورد الإبل".

المصدر : منصور عمايرة كاتب مسرحي وروائي  أردني  11-1-2012 عمّان

0 التعليقات:

المشاركة في المواقع الأجتماعية

المنشورات في صور

حقوق الطبع والنشر خاصة بموقع مجلة الفنون المسرحية 2016. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

زيارة مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

زيارة مجلة  الفنون المسرحية على الفيسبوك
مجلة الفنون المسرحية على الفيسبوك

الاتصال بهيئة تحرير مجلة الفنون المسرحية

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الترجمة Translate

من مواضيعنا المتميزة

جديد المقالات

جميع حقوق النشر محفوظة لمجلة الفنون المسرحية 2016

تعريب وتعديل: قوالبنا للبلوجر | تصميم: BloggerTheme9